اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 286
ونقوا من كل عيب، وكذلك الدقيق: الحوّاري، إنما سمي بذلك، لأنه ينقى من لباب البر وخالصه.
قال حذاق اللغويين: الحواريون: صفوة الأنبياء الذين خلصوا وأخلصوا في تصديقهم ونصرتهم.
ويقال: عين حوراء: إذا اشتد بياضها، وخلص، واشتد سوادها، ولا يقال: امرأة حوراء، إلا أن تكون مع حور عينها بيضاء. والثاني: أنهم البيض الثياب، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنهم سموا بذلك، لبياض ثيابهم. والثالث: أنهم القصارون، سموا بذلك، لأنهم كانوا يحورون الثياب، أي:
يبيضونها. قال الضحاك، ومقاتل: الحواريون: هم القصارون. قال اليزيدي: ويقال للقصارين:
الحواريون، لأنهم يبيضون الثياب، ومنه سمي الدقيق: الحُوَّارى، والعين الحوراء: النقية المحاجر.
والرابع: الحواريون: المجاهدون. وأنشدوا:
ونحن أناسٌ يملأ البَيض هامنا ... ونحن حواريون حين نزاحف
جَماجِمُنا يوم اللقاء تراسُنا ... إِلى الموت نمشي ليس فينا تحانف «1»
والخامس: الحواريون: الصيادون. والسادس: الحواريون: الملوك [2] ، حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن الأنباري. قال ابن عباس: عدد الحواريين اثنا عشر رجلاً. وفي صناعتهم قولان: أحدهما: أنهم كانوا يصطادون السمك رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنهم كانوا يغسلون الثياب، قاله الضحاك، وأبو أرطاة.
[سورة آل عمران [3] : آية 53]
رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)
قوله تعالى: رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ هذا قول الحواريين. والذي أنزل: الإنجيل. والرسول:
عيسى. وفي المراد بالشاهدين خمسة أقوال: أحدها: أنهم محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأمته، لأنهم يشهدون للرسل بالتبليغ، رواه عكرمة عن ابن عباس [3] . والثاني: أنهم من آمن قبلهم من المؤمنين، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أنهم الأنبياء، لأن كل نبي شاهد أمته، قاله عطاء. والرابع: أن الشاهدين:
الصادقون، قاله مقاتل. والخامس: أنهم الذين شهدوا للأنبياء بالتّصديق. فمعنى الآية: واعترفنا فاكتبنا مع من فعل فعلنا، هذا قول الزجّاج.
[سورة آل عمران [3] : آية 54]
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (54)
قوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ قال الزجاج: المكر من الخلق: خبث وخداع، ومن الله عزّ وجلّ: المجازاة، فسمي باسم ذلك، لأنه مجازاة عليه، كقوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [4] ،
(1) في «اللسان» : الحنف: الاعوجاج في الرّجل. [.....] [2] قال ابن كثير رحمه الله 1/ 365: والصحيح أن الحواري الناصر كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما ندب الناس يوم الأحزاب فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير رضي الله عنه فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لكل نبي حواريّ وحواري الزبير» . [3] قال ابن كثير رحمه الله 1/ 365: قوله فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ مع أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس. وهذا إسناد جيد اه.
- قلت: ولعل الراجح قول الزجاج وهو الأخير، فإنه عامّ شامل. [4] البقرة: 15.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 286